الجمعة، 11 نوفمبر 2016

عبد الزهرة خالد ......أمي مملكتي

أمي ٠٠ مملكتي ٠٠
أربعة وثلاثون عاماً مرت على رحيل أمي٠٠
سأجرب وأرسل لها هذه الرسالة ٠٠٠٠٠
========================
كنتُ أهربُ من أصحابي حينما يسألوني عن أسم أمي وأخشى من الناس أن يروا أمي وأغبط أخوتي الذين هم أصغر مني يأخذوا حضن أمي لا أحب أن يخلو وجه أمي الى أبي ولم أفصح الى الآن ِلمَ لا أريد أن يعرفكِ غيري ٠٠ أمي أنتِ اللغزٌ الذي لا أحب أن يفله غيري ٠٠
كنتِ يتيمة منذ الصغر والأن أنا اليتيم فتعرفين حق اليتيم ٠٠ وكنتُ ألح عليك بالدعاء ألا أكبر وأبقى تحتك كفرخ البط صغيراً وها أنا هرمتُ وبقيت على عهد دعائك طفلاً حينما يمر طيفكِ يهمس أسمكِ أو عطركِ المسكي عاشر حسي فأنا أحبو أليكِ إجلالاً لذكراكِ وضاعت مني أطرافي لأنكِ المعنية والمقصودة في شعري٠٠
عمت عيون الكلمات ، ودفنت بتراب أقدامكِ العبارات ، وأكتسحت أقلامي وأحلامي كل قصائدي وشطبت دموعي الأسطر في الوريقات٠٠ وعجت في صدري حسرات بفم طفولتي وحيرة بغصة المفجوع٠٠الصاعدون والبالونات تخلت عن الهواء وكل الطيور تنازلت عن الجناحات وسكنت خائبة الأقنان ٠٠ الأرواح هاجرت من السماء الى أبعد السماوات والأجساد من تراب الى القبور وتخطت البرزخ بلا أوقات٠٠هي أمنية تكون أو لا تكون هي أغنية أجعلها من ألحاني وأنفعالي لا لأمرأةٍ من النسوان ٠٠ أي طريق آسلكه لأكون أنا فيه كباقي السالكين لأجد ضالتي في الحوانيت أو في مقبرة وادي السلام وعلى أرصفة الذكريات ٠٠أنتِ في العالم والعالم فيكِ ملكتِ فؤادي وأنفردتِ فيه فلا مثيل ولا بديل ولا رغبة لي في التأويل ٠٠
عاب عليّ الزمان حينما تخلت عني [ الشيلة والجرغد ] وهربتْ عن رأسي العباءة التي قادتني الى الأسواق وثياب الرجولة على حجمي البسيط كما فصلتيه لم أخلعه يوماً قط٠٠ وأختفى من عمري الحضن الأبدي والدنيا شاخت وعاملتني بعدك ِ الغريب في أكواخ الوطن وبدونكِ كأبن السبيل بين الأبواب ٠٠ هدأ الزفير في أنفاسي وجعل الأنين والحنين ترافق وتوافق الشهيق ٠٠
أمي لا تعتبي إن كلماتي أصابها رعشة الشلل وأختبأت خلف جذوع الشجون فأنتِ كل شيء ، كيف تكتحل الأوراق بزغات الغزل ورحيلك على عجل ٠٠قالوا لي تموت الرجال بموت الأمهات ٠٠ وأنا أقول يضيع الرجل عندما يرحل الحضن والثدي والصدر والصوت الشجي والمعنى والماء والأرض والهواء هي الجنة التي تكرم بها الأتقياء ٠٠
أمي يا جبل من سلام دعِ الكلام مدفون ، على بابك أمي علقت ثيابي كلها وعلقت على الدواليب حياتي وطرقت شبابيك صوركِ المعلقات على الحيطان مرات ومرات لعل نسمة أو لقاء تصيب الجفون ولو كان وراء الخيال ٠٠ أمي هذا الزمن الخائف من كلمة الإطراء أفسد كل ما لدي
يا كل النساء ترفضين الليل ويخشاك الصباح وتخوضين النهار بضيائك تصبغيه ٠٠
الى اليوم لن أجد في مسكني وطريقي وعمري آماناً مثلما الذي أحمله تميمة على زندي ٠٠في الصعاب وفي الحروب وفي السلام وجدتك ،٠ باقات الفرح والسعادة أرسلتي لي عبر البريد٠٠
أنت الذي صنعتِ لي الدنيا دنية والسماء بزرقتها عالية أنتِ التي جعلتني غالياً فوق سلع العالم ومضى الدهر بي الى مكاني هذا لأكتب أليك بعد أربعة وثلاثين عاماً كانت أنفاسك بين كفيٌ ٠٠ ألا قبرك ما أقساه !!
لم يترك لي مجالاً أن أقبل أي تربة فيك ٠٠
يا غالية ستبقين رغم زهد العمر بغلاتك وما الموت يفصل بيني وبين الإحسان المؤود٠٠
كذب الموت أنتِ لم تموتين ٠٠٠

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق