.
. صَــبرُ الإقتِــدار
( الحــلقة الــرابعــة )

كـــربـــلاء
رافق الإمـام فـي سفره عدد كبـير من أهل بيـته رجالاً ونساءً وجماعة من أنصاره وأتباعه ، وفي احدى مراحل الطـريق وصـلت الـى الإمـام الحسـين أنبـاء التطورات الخطيـرة في الكـوفة وسيطرة الأمويين عليها ، ومقتل سفيره مسـلم بـن عقـيل ، ورغم تألمه لما حدث الا أنه صمم على الأستمرار في حركته ومسيرته .
وحينما علمـت السلـطة الأمويـة باتجـاه الحسـين الـى العراق ، بعثـت بعض الفـرق والمفارز العسكرية لتمنع الإمام الحسين من دخول الكوفة .
وبعدما تجاوزت قافلة الإمام الحسين موقعاً يقال له « شراف » واجهتـهم فرقة عسـكرية من الجيش الأموي تضم زهـاء ألـف فـارس بقيادة (الحر بن يزيد الرياحي) ، وكان جنود الفرقـة يعانـون من الظـمأ الشديد في حر الصحراء اللاهـب ، فأنقذهم الإمـام من المـوت المُحَتَم وبذل لهم ما يحتاجون من الماء ثم بدأ يحاورهم موضحاً لهم أسـباب قدومه الى العراق ، لكنهم أصروا على أن يستسلم لهم ليقدمـوا به على ابن زياد والـي الأمويين على الكوفة ، كما لم يسمحوا له بالرجوع من حيث أتى ، وحـصل الاتفـاق أن تسيـر قافـلة الإمام الحسين في طريق لا يدخله الكوفه كما يريدون هم ، ولا يرجعه الى الحجاز كما يريده الإمام .
وصلت الى قائد الفرقة الأمـوية رسالة من عبيدالله بن زياد ، تأمره بإبقاء الحسين في فيافي الصحراء ، وعدم اجباره على الدخول الى الكوفة ، خلافاً لقراره السابق ، ولعـله فكـر فـي أن دخول الحسين الى الـكوفة قـد يـؤدي الـى تطـورات غير محسـوبة ، فمـواجهته فـي الصحراء وبعيداً عن الجـمهور أفضـل . وعلى إثر الأمر الجديد أرادت الفرقة العسكرية أن تعرقل سـير الإمام وتمـنعهُ ، بينمـا كان الإمام يريـد مواصـلة السير ، ومع المشادة وتوتر الأجواء وصلوا الى منطقة على شاطئ الفرات ،
وإذا بجواد الحسين عليه السلام قـد وقف عن المـسير فنزل عنه وركب جواداً غيره فلم يسر فبعثه فلم ينبعث وزجـره فلم ينزجـر حتّى بدّل سبعة أفراس على بعض الروايات، فالتـفت إلـى أصـحابه
وقال: ما اسم هذه الأرض؟
قالوا: أرض الغاضريّة،
قال: هل لها اسم غير هذا؟
قالوا: تسمّى نينوى... العقر...شاطىء الفرات،
قال: هل لها اسم غير هذا؟
قالوا: تسمّى كربلاء .
فقال عليه السلام: أرض كربٍ وبـلاء
ثمّ قال: انـزلــوا . .هاهنا مناخ ركابنا
هاهنا تسفك دماؤنا
هاهنا والله تهتك حريمنا
هاهنا والله تقتل رجالنا
هاهنا والله تذبح أطفالنا
هاهنا والله تُزار قبورنا
وبهذه التربة وعدني جدّي رسول الله ولا خلف لقوله..ولقد مرّ أبي بهذا المكان عند مسيـره إلـى صـفّين وأنا معه، فوقف فسأل عنه فأخبر باسمه
فقال: هاهنا محطّ ركابهم
وهاهنا مهراق دمائهم
وإذا كانـت كربلاء فـي الجغرافـيا مجـرد بقعة محدودة من الأرض ، وإذا كانت في التاريخ قد سـجلت باعتبارها مسـرحاً لأهم حدث ديني سياسي في الأمـة الإسلامية بعـد وفـاة رسـول الله ( صلى الله عليه وآلـه ) . وإذا كانت قـد أصبحت قبـلة للمـؤمنين يأمـونها ويقصدونها بقلـوبهـم وعواطفـهم وأبـدانهـم ، وإذا كانت كربلاء قد أضحـت وتراً حزيـناً تعزف عليه قرائح الشعراء والأدباء وملحمة بطولية يستلهم منها الثوار والمصلحون ، فانها عنـد أهـل الـبيت ( عليهم السلام ) أعـمق من كل ذلك وأكبر ، فليست هناك قضية أو حادثة نالت من الأهتمام والتركـيز لدى أهل البـيت ما نالته قضية كربلاء ، فقبل وقوع الحـادثة كـان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يتـحدث عـنها ويشـرح بعـض تفاصـيلها ويبـين أهميتها وأبعـادها . . وكـذلـك الإمـام عـلي والسـيدة الـزهراء والإمـام الحـسن (عليهم جميعاً سلامُ الله) . . وبعـد الحادثة كان أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) يجـددون ذكـراهـا ويـحيون وقائـعها ويأمرون الناس بتخليدها وتعظيمها .
( علي جاسم العامري )
والى الحلقة المقبلة
.
. صَــبرُ الإقتِــدار
( الحــلقة الــرابعــة )

كـــربـــلاء
رافق الإمـام فـي سفره عدد كبـير من أهل بيـته رجالاً ونساءً وجماعة من أنصاره وأتباعه ، وفي احدى مراحل الطـريق وصـلت الـى الإمـام الحسـين أنبـاء التطورات الخطيـرة في الكـوفة وسيطرة الأمويين عليها ، ومقتل سفيره مسـلم بـن عقـيل ، ورغم تألمه لما حدث الا أنه صمم على الأستمرار في حركته ومسيرته .
وحينما علمـت السلـطة الأمويـة باتجـاه الحسـين الـى العراق ، بعثـت بعض الفـرق والمفارز العسكرية لتمنع الإمام الحسين من دخول الكوفة .
وبعدما تجاوزت قافلة الإمام الحسين موقعاً يقال له « شراف » واجهتـهم فرقة عسـكرية من الجيش الأموي تضم زهـاء ألـف فـارس بقيادة (الحر بن يزيد الرياحي) ، وكان جنود الفرقـة يعانـون من الظـمأ الشديد في حر الصحراء اللاهـب ، فأنقذهم الإمـام من المـوت المُحَتَم وبذل لهم ما يحتاجون من الماء ثم بدأ يحاورهم موضحاً لهم أسـباب قدومه الى العراق ، لكنهم أصروا على أن يستسلم لهم ليقدمـوا به على ابن زياد والـي الأمويين على الكوفة ، كما لم يسمحوا له بالرجوع من حيث أتى ، وحـصل الاتفـاق أن تسيـر قافـلة الإمام الحسين في طريق لا يدخله الكوفه كما يريدون هم ، ولا يرجعه الى الحجاز كما يريده الإمام .
وصلت الى قائد الفرقة الأمـوية رسالة من عبيدالله بن زياد ، تأمره بإبقاء الحسين في فيافي الصحراء ، وعدم اجباره على الدخول الى الكوفة ، خلافاً لقراره السابق ، ولعـله فكـر فـي أن دخول الحسين الى الـكوفة قـد يـؤدي الـى تطـورات غير محسـوبة ، فمـواجهته فـي الصحراء وبعيداً عن الجـمهور أفضـل . وعلى إثر الأمر الجديد أرادت الفرقة العسكرية أن تعرقل سـير الإمام وتمـنعهُ ، بينمـا كان الإمام يريـد مواصـلة السير ، ومع المشادة وتوتر الأجواء وصلوا الى منطقة على شاطئ الفرات ،
وإذا بجواد الحسين عليه السلام قـد وقف عن المـسير فنزل عنه وركب جواداً غيره فلم يسر فبعثه فلم ينبعث وزجـره فلم ينزجـر حتّى بدّل سبعة أفراس على بعض الروايات، فالتـفت إلـى أصـحابه
وقال: ما اسم هذه الأرض؟
قالوا: أرض الغاضريّة،
قال: هل لها اسم غير هذا؟
قالوا: تسمّى نينوى... العقر...شاطىء الفرات،
قال: هل لها اسم غير هذا؟
قالوا: تسمّى كربلاء .
فقال عليه السلام: أرض كربٍ وبـلاء
ثمّ قال: انـزلــوا . .هاهنا مناخ ركابنا
هاهنا تسفك دماؤنا
هاهنا والله تهتك حريمنا
هاهنا والله تقتل رجالنا
هاهنا والله تذبح أطفالنا
هاهنا والله تُزار قبورنا
وبهذه التربة وعدني جدّي رسول الله ولا خلف لقوله..ولقد مرّ أبي بهذا المكان عند مسيـره إلـى صـفّين وأنا معه، فوقف فسأل عنه فأخبر باسمه
فقال: هاهنا محطّ ركابهم
وهاهنا مهراق دمائهم
وإذا كانـت كربلاء فـي الجغرافـيا مجـرد بقعة محدودة من الأرض ، وإذا كانت في التاريخ قد سـجلت باعتبارها مسـرحاً لأهم حدث ديني سياسي في الأمـة الإسلامية بعـد وفـاة رسـول الله ( صلى الله عليه وآلـه ) . وإذا كانت قـد أصبحت قبـلة للمـؤمنين يأمـونها ويقصدونها بقلـوبهـم وعواطفـهم وأبـدانهـم ، وإذا كانت كربلاء قد أضحـت وتراً حزيـناً تعزف عليه قرائح الشعراء والأدباء وملحمة بطولية يستلهم منها الثوار والمصلحون ، فانها عنـد أهـل الـبيت ( عليهم السلام ) أعـمق من كل ذلك وأكبر ، فليست هناك قضية أو حادثة نالت من الأهتمام والتركـيز لدى أهل البـيت ما نالته قضية كربلاء ، فقبل وقوع الحـادثة كـان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يتـحدث عـنها ويشـرح بعـض تفاصـيلها ويبـين أهميتها وأبعـادها . . وكـذلـك الإمـام عـلي والسـيدة الـزهراء والإمـام الحـسن (عليهم جميعاً سلامُ الله) . . وبعـد الحادثة كان أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) يجـددون ذكـراهـا ويـحيون وقائـعها ويأمرون الناس بتخليدها وتعظيمها .
( علي جاسم العامري )
والى الحلقة المقبلة
.
posted from Bloggeroid
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق