منطوية كأحﻻمها
بقلم: رفاه زاير
بغداد/ العراق
دخلت سن الشيخوخة، سن تغيرت فيه طبائعها تقلصت مساحة حركتها فغدت منطوية، معتكفة كأحلامها التي ولدت كبيرة وتقلصت مع الزمن
بل مات جلها، لم تعد ْ تذكر الكثير من الأحداث،
من هول ما مرت به من أحداث،
كأنما بعض من أعراض الزهايمر بدأت تتسرب لذاكرتها.
كاستباقٍ للنسيان،
كان حب الوطن شاغلها اﻷول َ،
تسرد اﻻقاصيص عن قادته العظام ﻷحفادها،
وعن جهاد الكفار من الدواعش والمحتلين اﻷنجاس،
ومن شدة ما كانت تحدثهم عنهم؛
تخيلت نفسها تسرد أساطير من أيام عجائز القرون الماضية،
كانت غريبة الأطوار؛ ٌ تحنطت لغتها،
وعاد من غيابات الماضي كعودة فتية الكهف من سباتهم الطويل.
لمحت في وجوه أحفادها دهشة وتعبيرا ينم عن الجهل، سألت كبيرهم الذي علمهم الاستهزاء :
• هل قرأتم منجزات قادة العرب العظام .
هل قرأتم سيرة رسولنا محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم؟هل عرفتم تاريخ أمتكم العربية المجيدة؟.يوم كان العرب أمة واحدة ، كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا.
- أجابها كبيرهم - غامزًا الآخرين :
• إيه يا جدة، هرمت، وأُصبت بأضغاث أحاديث، وتوزعتك الوساوس والأخيلة، تفتتت ذاكرتك بين لفيف الأحاجي وهلوسات اﻷكاذيب ،
تكلمينا عن أشياءَ لم نسمع بها في آبائنا الأولين ،
لو تكلمينا عن الربيع العربي، وجهاد الشيعة للسنة، وجهاد السنة للشيعة، وجهاد آبائنا ، ووو..؛
ولكن شط بك الخيال فرحت ترسمين لنا مدنا، وتتركين أعداء ديننا، توجهينا لأحبة لنا.
وجدت نفسها كالمهرج أو الحكواتي
عندما كان يحدث مستمعيه عن قصص من نسج الخيال في الأسواق الشعبية ،
وجدت نفسها لا أحد يهتم بحديثها،
ولا بتاريخ أُمَّة غيرت مسارها بسرعة
وأصبحت بقية باقية في رؤوس القليل من العجائز مثلي؛
ممن تساقطت أسنانهن، وانحنت ظهورهن، وخف نظرهن، وثقل سمعهن ، وتباطأت خطواتهن.مات أكثرهن، وبقيت أنا وزوجي الذي غادرني،
ونام في سباته العميق ..
كان أنيسي ويصحح لي أحيانًا؛ فذاكرته -
ما شاء الله - لم يصبها الخرف..سارت تتقاذفها حيرة ،وتمزقها دقات قلب متعب ،
لايمكنه مصاحبتها إلا بدواء لايفارقها ،اتكأت على عصاتها- التي تهش بها سنين عمرها الثقيلة ، ولها فيها عزاء وصحبة- بأصابع لا تتوقف رعشاتها وصحة تفضحها أناتها ، ولها في كل شارع صبية يلاحقونها ،
وإما توقفت تحوقلوا وهم يصفقون ويصرخون غير عابئين بعصاتها السابحة في ملكوت نسائم الربيع المسائي.
صاحت بصوت عال:
وطني أحبك ﻻ مثيل.لو قطعوا جسدي ونسبوا الي الجنون.!!!
سأحبك حتى إذا افرنقعوا عني آمنين بفرح حجور أمهاتهم ومستأنسين لبرامجهم الخاصة في أجهزتهم الالكترونية الصغيرة ،
جمعت أوصالها وهي تحمل طاقم أسنانها في يديها، متشببة ببقايا جدار قديم، قابت خطواتها قريبة من بيتها التي تفر منه ومن الوحدة والغربة القاتلة.نامت يملأ شَخيرها البيت متحدية مﻻقفة اﻷقدار..
بقلم: رفاه زاير
بغداد/ العراق
دخلت سن الشيخوخة، سن تغيرت فيه طبائعها تقلصت مساحة حركتها فغدت منطوية، معتكفة كأحلامها التي ولدت كبيرة وتقلصت مع الزمن
بل مات جلها، لم تعد ْ تذكر الكثير من الأحداث،
من هول ما مرت به من أحداث،
كأنما بعض من أعراض الزهايمر بدأت تتسرب لذاكرتها.
كاستباقٍ للنسيان،
كان حب الوطن شاغلها اﻷول َ،
تسرد اﻻقاصيص عن قادته العظام ﻷحفادها،
وعن جهاد الكفار من الدواعش والمحتلين اﻷنجاس،
ومن شدة ما كانت تحدثهم عنهم؛
تخيلت نفسها تسرد أساطير من أيام عجائز القرون الماضية،
كانت غريبة الأطوار؛ ٌ تحنطت لغتها،
وعاد من غيابات الماضي كعودة فتية الكهف من سباتهم الطويل.
لمحت في وجوه أحفادها دهشة وتعبيرا ينم عن الجهل، سألت كبيرهم الذي علمهم الاستهزاء :
• هل قرأتم منجزات قادة العرب العظام .
هل قرأتم سيرة رسولنا محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم؟هل عرفتم تاريخ أمتكم العربية المجيدة؟.يوم كان العرب أمة واحدة ، كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا.
- أجابها كبيرهم - غامزًا الآخرين :
• إيه يا جدة، هرمت، وأُصبت بأضغاث أحاديث، وتوزعتك الوساوس والأخيلة، تفتتت ذاكرتك بين لفيف الأحاجي وهلوسات اﻷكاذيب ،
تكلمينا عن أشياءَ لم نسمع بها في آبائنا الأولين ،
لو تكلمينا عن الربيع العربي، وجهاد الشيعة للسنة، وجهاد السنة للشيعة، وجهاد آبائنا ، ووو..؛
ولكن شط بك الخيال فرحت ترسمين لنا مدنا، وتتركين أعداء ديننا، توجهينا لأحبة لنا.
وجدت نفسها كالمهرج أو الحكواتي
عندما كان يحدث مستمعيه عن قصص من نسج الخيال في الأسواق الشعبية ،
وجدت نفسها لا أحد يهتم بحديثها،
ولا بتاريخ أُمَّة غيرت مسارها بسرعة
وأصبحت بقية باقية في رؤوس القليل من العجائز مثلي؛
ممن تساقطت أسنانهن، وانحنت ظهورهن، وخف نظرهن، وثقل سمعهن ، وتباطأت خطواتهن.مات أكثرهن، وبقيت أنا وزوجي الذي غادرني،
ونام في سباته العميق ..
كان أنيسي ويصحح لي أحيانًا؛ فذاكرته -
ما شاء الله - لم يصبها الخرف..سارت تتقاذفها حيرة ،وتمزقها دقات قلب متعب ،
لايمكنه مصاحبتها إلا بدواء لايفارقها ،اتكأت على عصاتها- التي تهش بها سنين عمرها الثقيلة ، ولها فيها عزاء وصحبة- بأصابع لا تتوقف رعشاتها وصحة تفضحها أناتها ، ولها في كل شارع صبية يلاحقونها ،
وإما توقفت تحوقلوا وهم يصفقون ويصرخون غير عابئين بعصاتها السابحة في ملكوت نسائم الربيع المسائي.
صاحت بصوت عال:
وطني أحبك ﻻ مثيل.لو قطعوا جسدي ونسبوا الي الجنون.!!!
سأحبك حتى إذا افرنقعوا عني آمنين بفرح حجور أمهاتهم ومستأنسين لبرامجهم الخاصة في أجهزتهم الالكترونية الصغيرة ،
جمعت أوصالها وهي تحمل طاقم أسنانها في يديها، متشببة ببقايا جدار قديم، قابت خطواتها قريبة من بيتها التي تفر منه ومن الوحدة والغربة القاتلة.نامت يملأ شَخيرها البيت متحدية مﻻقفة اﻷقدار..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق